المسلسل السوري الجديد يسبر أغوار الجوانب النفسية لشخصيات تأثرت بالحرب وعاشت تحولات كثيرة في حياتها وصلت بها الى مفترق طرق.

لمياء ورغي – ميدل إيست أونلاين

15 – أيار 2019

رابط المقال: https://bit.ly/2YxFMQY

 

يتوغل المخرج السوري الليث حجو في مسلسله الجديد “مسافة أمان” في يوميات الإنسان بعد الحرب، وسعيه إلى تجاوز أزمات عديدة تنغص عليه حياته وتجعله يشعر بالخوف والخطر أينما حل.
ويركز العمل على مرحلة ما بعد الحرب في سوريا، حيث ينشغل الجميع بخلق مسافة أمان تجاه الخطر.
ويضم المسلسل الجديد باقة من نجوم الدراما السورية على غرار سلافة معمار، كاريس بشار، عبدالمنعم عمايري، نادين تحسين بيك، حلا رجب، جرجس جبارة، أنس طيارة، إيهاب شعبان، هيا مرعشلي، لين غرة.
والعمل سلسلة درامية اجتماعية مؤلّفة من ثلاثين حلقة تسلط الضوء على حكايات عدّة لشخصياتٍ تتجنّب الفشل والخسائر وتسعى بخجلٍ نحو الحب والنجاح والفرح، حيث أنه في هدوء ما بعد الحرب ثمّة ما هو أكثر خطراً من ضجيجها.

وتترك الحرب آثارا مدمرة وجروحا غائرة في قلوب من عاشوها واكتووا من نارها وجبروتها فتتفكّك العلاقات، ويصبح رابط الحبّ أضعف، وهنا تولد الحاجة لمسافة الأمان.
ويصير الإنسان مشغولاً بخلق “مسافة أمان” تجاه الخطر الذي يحدق به دون ان يعرف مصدره مثل خطر الفشل وخطر الخيانة وخطر البطالة.
ويحيلنا العمل الدرامي الجديد إلى خلاصة مختلفة تشبه واقعنا حدَّ التطابق: “مسافة الأمان الّتي نفترضها، هي وهم اقتنعا به لنظنّ أنّنا بخير..”
وينبش المخرج السوري الليث حجو في عمق الأزمة السورية الراهنة، فيقدم عملا فنيا قائما على شبكة من العلاقات الاجتماعية التي شابها الكثير من التشوّه والانحراف، فوصلت بالمجتمع إلى أماكن شديدة الخطر والغربة.
ووضح حجو بأن مسافة الأمان المطروحة هي المسافة من كل الأخطار المحيطة بنا وآخرها الحرب، فكل إنسان حاول وضع مسافة أمان لنفسه سواء من الحب أو الحرب او العلاقات الإنسانية او الأخلاق، ولكن بعد السنوات القاسية التي مرت على البلاد، هل استطاع كل فرد الاستفادة من مسافة الأمان التي وضعها لنفسه أم أنها وهم.. ؟.
واعتبر أنه “في أي مجتمع عانى من الحرب يصبح كل شيء خطرا، بل وأخطر من فترة الحرب ذاتها، بسبب العلاقات المتشابكة والمشوهة التي تنتج عنها، فتصبح طبيعة المجتمع مليئة بالفوضى من ناحية علاقات الحب والعمل والحياة، وتحيط بنا الأخطار نتيجة هذه الفوضى العارمة التي خلفتها الحرب”.
ويتميز أسلوب عمل الليث حجو بالبحث عميقا في أغوار النفس البشرية، وهو يسعى سواء في أعماله التراجيدية أو الكوميدية إلى تقديم حالات إنسانية عميقة، وفي عمله الأحدث لا يزال يسير على هذا النهج “الفن بالنسبة لي هو وسيلتي وهدفي الأبعد للوصول إلى عمق الإنسان”.
ويتطرق المسلسل الى الجانب النفسي لشخصيات تأثرت بالحرب السورية وعاشت تحولات محورية كثيرة في حياتها على الصعيد النفسي والاجتماعي، ووصولها إلى مفترقات طرق ومنعطفات لم تكن تتوقعها.
وتؤدي سلافة معمار في العمل شخصية “سلام” وهي طبيبة وجراحة أعصاب تعاني من ارتدادات الأزمة السورية وتبعات الأحداث المؤلمة التي مرت بها.
وتقدم كاريس بشار شخصية “سراب” وهو دور صعب لأنه يترجم واقع المرأة السورية القوية والصامدة والمعتمدة على نفسها والمضطلعة بدور الرجل في ظل غياب أو موت الزوج من جراء الحرب، لكنها تعاني في صمت من جراء كثرة الأعباء عليها.
واعتبرت بشار أن “سراب” أصعب شخصية تؤديها طيلة مسيرتها الفنية التي تجاوزت اثنين وعشرين عاما، وتأتي هذه الصعوبة من تقاطعها معها في الواقع، اذ ان “سراب” تشبهها كثيرا، وتمثل نساء سوريات اضطرتهن الظروف لتحمل أعباء الحياة الكثيرة.


ويعود الفنان قيس الشيخ بعد غياب طويل عن بلده بسبب الحرب ليبرهن على حبه واشتياقه للدراما السورية.
ولفت الشيخ إلى أنه سيجسد شخصية يوسف وهي شخصية مركبة وصعبة ومختلفة جدا عما قدمه سابقا
و”يوسف” رسّام ومصور فوتوغرافي يبحث عن مسافة الأمان الخاصّة به بين الحب والسفر بعد فقدانه رغبته في العمل وملاحقة أشخاص مجهولين له ووفاة خطيبته وشعوره بالذنب تجاهها.

ويلعب عبدالمنعم عمايري دور “حسام” صاحب دار نشر يراهن على بقاء الكتاب وصموده في زمن الانترنت والتكنولوجيا، ويعيش صراعاً عاطفياً على المستوى الشخصي يدفعه للبحث عن مسافة الأمان الخاصة به.
وكشف الممثل عابد فهد أن اعتذاره عن “مسافة أمان” جاء بسبب ضيق الوقت فقط.
وقال في تصريحات صحفية: “انشغل بتصوير مسلسل “دقيقة صمت” للمخرج شوقي الماجري، كما انني أشارك في مسلسل “عندما تشيخ الذئاب” للمخرج عامر فهد، وبالتالي من المستحيل تنسيق أوقات التصوير مع عمل ثالث، وقد اعتذرت عن المشاركة في “مسافة أمان”.
ونفى ما أشيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن رفض المنتج صادق الصباح مشاركته بعمل ثالث.
وكان الاسم المطروح للعمل الجديد “ارض محروقة”، لكن تم الاستغناء عنه لكي لا يبعث برسالة سلبية ومحبطة للمشاهد.
وتسعى الدراما السورية الى سبر أغوار الواقع على بشاعته وقسوته مراهنة في ذلك على نصوص جيدة وخبرة الممثلين السوريين وحنكتهم خاصة أن العديد منهم تفوقوا في الدراما العربية.
ويرى نقاد أن الأعمال التي يجري تصويرها ضمن بيئة دمشقية حقيقية بعيداً عن الاستديو تعكس الواقع وتحاكي الأحداث الراهنة بصورة أصدق وأكثر تعبيراً. ‏
واعتبروا “إن العمل الحقيقي تدعمه الإنتاجية العالية والتقنيات المعقدة، لكن صدق الفكرة ومحاولة تقريب الصورة الحقيقية الى أذهان الناس يضفي على العمل دفئاً من نوع خاص يجعلك تحلق به عالياً”. ‏

 

 

0 replies

Leave a Reply

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *