فاطمة عبدالله

كتب هذا المقال في صحيفة السفير بتاريخ 18 حزيران 2016

يتجدّد اللقاء بين الكاتب حسن سامي يوسف والمخرج الليث حجو، ويقدّمان طرحاً زمنياً مغايراً لإشكالية الحرب في «الندم»، المسلسل السوري الذي يلامس أطراف الجرح ويطبّب بالسرد بعض التهابه، الجميع مذنب، ولم يعد أمام حجم الخراب فارقٌ بين ضحايا أحياء يتألمون وأموات ظلمهم القدر.

تعرض «الجديد» مسلسلاً هو امتداد زمني للحرب في أعماقنا وعلاقاتنا ودمائنا ومصائرنا في مواجهة خرائط تشتعل عبر الراوي عروة سرد رقيق موجع لمحمود نصر، ثمة عودة دائمة إلى الوراء، إلى اصطدام الماضي بالحاضر والذاكرة باللحظة.

«الفلاش باك» هنا مُحيّر، يخبرك بأنّ الأزمان تتغيّر، لكنّ الأثمان الباهظة يدفعها البشر، حيث تدور الأحداث كدوّامة تطفح بالغرقى ولا سبيل إلى إنقاذ أحد، كلّ شيء بارد، حتى الوقت والعلاقات الأُسرية ولون الشارع.

كاتبٌ تلفزيوني يوثّق مأساة الإنسان السوري وتبدُّل جلده كأنه جرحٌ فوق جرح، يمسك المُشاهد ويرميه في المسلسل، حيث يطرح الكاتب والمخرج قلق الإنسان الممزق بعدما قضت الحرب على الأمن والأمان والضمير والإنسانية من خلال دور أبو عبده الغول الذي يؤدي دوره الفنان سلوم حداد في أداء لافت، يُقارَب التسلّط مقروناً بلحظات غفران عابرة لكلّ شيء في المسلسل معانٍ ودلالات تواجه إنسان الحرب بمرآته.

يحضر النقاش السياسي بصيغته المباشرة عبر التوصيف المشهدي للشارع السوري وعبر مفردات الحرب كنقاش الموالي والمعارض، والاعتقال السياسي والتجسس والمخابرات وهشاشة الأمن.

المسلسل إنساني – سياسي، يُطلق صرخة بلا قبضات ويتوجّع فلا يذرف دمعة، تناقضات العائلة يحكمها أب صنع نفسه من العدم وأم «سمر سامي» تضبط بحنانها الخلل وتحاول لَمّ الشمل، إنها تركيبة أُسرية مضطربة، تخرقها هواجس آنية وتحدّيات على مستوى الوجود والبقاء.

كما في مسلسلات حجو، يُفتح الجرح السوري ليظلّ مفتوحاً، لا ليُغلق بالمهدّئات، تتراءى سوريا مُرهَقة من غير كتف تتكئ عليها، ما يسبّب النزف ليس السلاح وحده بل مشهد الذل اليومي الكامن في بريق العينين وتجاعيد الوجه، آه من الوجع السوري في عالم القسوة.

0 ردود

اترك رداً

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *