الليث حجو
نشأ الليث حجو في وسط فني كان له تأثير كبير على خياره لاحقاً في التعامل مع الفن كوسيلة تعبير قبل أن تكون مجرد مهنة، إذ كان والده الفنان الراحل عمر حجو شغوفاً بالمسرح الذي كان وسيلته بإيصال أفكاره وقضاياه المرتبطة دائماً بهموم مجتمعه وبيئته في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية معقدة، وذلك لإيمانه المطلق بأن الفن هو وسيلة الحوار الأرقى والأكثر تأثيراً.
ومنذ بداية السبعينات وحتى نهاية تسعينات القرن الماضي وقبل انتشار الفضائيات كان للمسرح الدور الأكبر في تأسيس حالة فنية مؤثرة على المجتمع بشكل مباشر، وكان من حسن حظه مرافقة أهم هذه العروض وهي عروض فرقة تشرين المسرحية «ضيعة تشرين- غربة – كاسك يا وطن» للكاتب الكبير محمد الماغوط والفنان دريد لحام ومع مجموعة من أهم نجوم الفن السوريين. وكان والده أحد أعضاء هذه الفرقة وشريكاً أساسياً في صناعة تلك العروض المسرحية التي استطاعت الانتشار ولسنوات طويلة متجاوزة جميع الخطوط الرقابية الضيقة، لتتمكن من مخاطبة أكبر شريحة من الجمهور العربي مع اختلاف اللهجات والثقافات، وبحكم وجوده بين أعضاء هذه الفرقة في تجوالهم وعروضهم المتكررة وحضور هذه العروض ولكن ليس من وجهة نظر الجمهور بل من خلال كواليس المسرح، فقد صب جلّ اهتمامه على الجمهور نفسه أكثر من العرض، ومن هنا بدأت علاقته بالمتلقي للمادة الفنية، وشعوره الأكيد بمدى قيمة هذا الحوار والتأثير الكبير للفن على المجتمع.
وفي بداية التسعينات ومع انتشار الفضائيات وازدهار صناعة الدراما التلفزيونية كانت هناك فرصة لتعرفه على أساسيات هذه الصناعة الجديدة والمغرية، ولم يكن قد اتخذ قراره بعد بما هو الدور الذي سيلعبه في هذه الصناعة الفنية. كما كان لوجوده إلى جانب أحد أهم المخرجين السوريين هيثم حقي التأثير الكبير في تأسيس اللغة السينمائية في التلفزيون ونقل خبرته الكبيرة في التعامل مع جميع عناصر هذه الصناعة، حيث رافقه حجو في أهم هذه الأعمال كخان الحرير والثريا، ومن ثم انتقل للعمل مع أنماط مختلفة من الإنتاج التلفزيوني منها التاريخي والكوميدي وتحديداً مع السلسلة الأشهر «مرايا» للفنان ياسر العظمة، ومع مجموعة من المخرجين منهم حاتم علي ومأمون البني.
عام 2001 كانت نقطة التحول إلى الإخراج بالنسبة لحجو، عندما حصل على الفرصة الأولى، حينها لم يكن هناك مشروع واضح تماماً من حيث النص، لذلك كان الحل الوحيد هو تشكيل ورشة عمل بمشاركة مجموعة من الأصدقاء الذين يشاركونه هذا الطموح وبدعم الكثير من الفنانين والنجوم، فكانت النتيجة سلسلة «بقعة ضوء» التي استمرت حتى الآن وتناوب عليها العديد من المخرجين. وفي عام 2010 أخرج الفيلم الوثائقي «نوافذ الروح» بالشراكة مع د.عمار العاني، وصولاً إلى عام 2018 حيث حضر ورشة عمل قام بها الاتحاد الأوروبي بهدف تفعيل دور المرأة في الدراما بحضور مجموعة من الكتاب والمخرجين السوريين، ونتجت عن هذه الورشة عدة أفلام قصيرة أحدها هو فيلم «الحبل السرّي» لـ الليث حجو، والذي يعتبر الخطوة الأولى والمؤجلة منذ فترة طويلة لدخول عالم السينما والأفلام الروائية.