وائل العدس – الوطن السورية

13 أيار 2019

رابط المقال: http://alwatan.sy/archives/197453

اختتم سباق الدراما التلفزيونية الرمضانية أسبوعه الأول حاملاً معه الكثير من المفاجآت والانطباعات الأولية التي خلقت بكل تأكيد حالات من الإعجاب أو النقد.
وتبدو انطلاقة معظم الأعمال مبشرة بعض الشيء، وراسمة خطوطاً جديدة توحي بأن الأزمة الدرامية بدأت بالانحسار تدريجياً.

مسافة أمان
قبل البدء بتصوير العمل وقبل الوصول إلى اسمه الحالي، كان اسمه «أرض محروقة»، لكن القائمين على العمل خشوا من انطباع التشاؤم الذي يمكن أن يخلقه هذا الاسم، فاتحين المجال بالمقابل على وجود فرصة للأمل والتفاؤل، كما أن الاسم القديم يوحي بارتباط أحداث العمل بالحرب، على حين إنها بعيدة عنها، بل سنرى فيه سورية ما بعد الحرب.
إذاً، بأحداث شائقة في قالبين إنساني واجتماعي، وبارتباط وثيق بالبيئة المحلية والتصاق متين بالواقع، وفي زمن فُقدت فيه الثقة بين أفراد المجتمع الواحد، يطرح مسلسل «مسافة أمان» نماذج من شخصيات اتخذت مسافة من الخوف بين بعضها بعضاً، خوف من العلاقات الإنسانية ومن الحب.
الشخصيات المطروحة تمثل أناساً عاديين يعيشون في مرحلة ما بعد الحرب، جملة من التغييرات الصادمة طرأت على حياتهم، وكل منهم يحاول صناعة «مسافة أمان» مع الآخر، حتى يستطيع المحافظة على ما تبقى.
ويرتكز العمل على شبكة من العلاقات الاجتماعية التي شابها الكثير من التشوه والانحراف، فوصلت بالمجتمع إلى أماكن غير معتادة.
العمل يتطرق للحب والعلاقات الإنسانية والقيم والاستحقاقات الأخلاقية اليوم، بعيداً عن ملامح الحرب، لكنه يمتلك في الوقت ذاته كل مقومات الدراما السورية، التي تمتاز بنقلها الحقيقي لواقع الشارع السوري، من دون افتقادها حس التجريب والمغامرة.
وتدور الأحداث حول الواقع السوري ما بعد الحرب الإرهابية على سورية، ويتطرق إلى مواضيع شائكة، وقد اعتمدت حبكة العمل على عدم التوقع لما هو آت، والدهشة والمزاوجة ما بين محاولة القرب من الواقعية وخلق حالة من الصنعة لتناسب كل الفئات، وتتقاطع مع أشكال المشاهدة التي تحمل التشويق والمتعة.


العمل سلسلة درامية اجتماعية، ذات طابع تشويقي، مؤلفة من ثلاثين حلقة، نتابع من خلالها؛ حكايات عدة لشخصيات تتجنب مزيداً من الخسارات، وتسعى بخجل، نحو حب هنا، وفعلِ فرح هناك، والهروب نحو المجهول أملاً بالخلاص.
ففي هدوء ما بعد الحرب ثمة ما هو أكثر خطراً من ضجيجها، ربما لا تتهددنا رصاصة، وقد لا تنال منا قذيفة، لكن القتال يجعل الناس، من حولنا مهووسين بالنجاة.. الكل يبحث عن خلاصه الفردي.. تتفكك العلاقات، ويصبح رابطُ الحب أضعف، وهنا تولد الحاجة لمسافة الأمان.
يصير الإنسان مشغولاً بخلق «مسافة أمانٍ» تجاه الخطر، فتراه يتجنب الخوض بكل مفردات الحياة، ويحاول أن يبني عموم علاقاته مع المحيط بمنطق «صفر مشاكل»، فلا يقترب أكثر من اللازم، لكنه لا يجرؤ في الوقتِ ذاته على الابتعاد، والتخلي عن دائرته شبه الآمنة.
الجميع يعتقد أنه يترك «مسافة أمانٍ» كافية تحميه من الأذيّات، لكن ما يقوله العمل يحيلنا إلى خلاصة مختلفة تشبه واقعنا إلى حد التطابق: «مسافة الأمان التي نفترضها، هي وهم أنتجناه لنظن أننا بخير».
وقد افتتحت النجمة شكران مرتجى المشاهد بصوتها فقط بوصفها الراوية التي تعبر عن حالة كل شخصية وتضع المشاهد في أجواء أحداث المسلسل.
العمل من تأليف إيمان السعيد التي عادت إلى أجواء الكتابة بعد غياب عشرة أعوام ومن إخراج الليث حجو وإنتاج شركة إيمار الشام وبطولة عبد المنعم عمايري وكاريس بشار وقيس الشيخ نجيب وسلافة معمار ووفاء موصللي وجرجس جبارة ونادين تحسين بيك وحسين عباس وسنسن أبو عفار وكرم الشعراني وحلا رجب وهيا مرعشلي وإيهاب شعبان ولين غرة ووائل زيدان ووائل أبو غزالة ونزار أبو حجر وولاء عزام وأنس طيارة وجلال شموط وخالد القيش وعلاء قاسم وهيما إسماعيل ونورا مراد وجمال العلي وميريام عطا الله.
وتشكل شارة العمل «ديو غنائي» بين المطربة لينا شماميان والمؤلف الموسيقي إياد الريماوي من كلمات وألحان وتوزيع الأخير.
هذه الشارة أعاد صوت شاماميان لشارات الأعمال التلفزيونية السورية، بعد غياب 13 عاماً.
ويعرض العمل عبر أربع قنوات هي لنا ودجلة و lbc وldc.

 

 

أثر الفراشة
في إطار رومانسي يقدم مسلسل «أثر الفراشة» قصة حب كبيرة محاطة بقصص حب موازية، تجري أحداثه بين سبعينيات القرن الماضي ويومنا الحالي، والمسلسل دعوة الحب في زمن البشاعة والعنف ضمن دراما رومانسية سورية خالصة، ويرتكز على قصة حب كبيرة محاطة بقصص حب موازية
النص مأخوذ عن رواية «الحب في زمن الكوليرا» للأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، لكن كاتب المسلسل أخذ القصة الرئيسة واشتغل عليها بطريقة تتناسب مع المجتمع السوري، من حيث البيئة والجغرافيا والأفكار، خاصة أن هذه الرواية تصلح لكل الشعوب وبأي زمن، لأنها تحكي عن الحب بشكله العميق والإنساني.
ويركز العمل على أن الحب هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يغيره أي شيء، لكونه شعوراً إنسانياً ومن دونه ينعدم وجود الإنسان، والجميل بالمسلسل أنه يصور مشاعر الحب عند الشباب وفي سن متقدم تبعاً للرواية.
يذهب العمل ليقول إن الحب ليس ترفاً، بل إنه الشعور الإنساني النقي الذي يصل بين القلوب والأرواح ويربط المحبين بروابط وثيقة نسجت من الوفاء والثقة واليقين، روابط لا تزعزعها الظروف مهما تغيرت ولا تنقصها المسافات ولو تباعدت.
يعزز العمل أن الحب هو الطريق الوحيد الذي يأخذنا إلى جنة الأحلام بعيداً عن نار الواقع بماديته وأنانيته.
العمل من تأليف محمود عبد الكريم وإخراج زهير قنوع وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني وبطولة مشاركة عبد الهادي الصباغ وسمر سامي وبيير داغر وطارق صباغ ولين غرة وياسر البحر ونورا رحال وسيف الدين سبيعي وعلاء قاسم ومحمد قنوع وروبين عيسى ومرح جبر ورباب كنعان ووائل أبو غزالة وهبة زهرة ولبابة صقر ومروة الأطرش ويارا دولاني.
وأدت شارة العمل النجمة نورا رحال من كلمات زهير قنوع وألحان جان آري سرحان الذي يتولى أيضاً وضع الموسيقا التصويرية.
وربما تعرض العمل للظلم من ناحية التسويق إذ يعرض عبر الفضائية السورية فقط.

 

0 ردود

اترك رداً

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *