كتب هذا المقال في موقع تحت المجهر بتاريخ 8 حزيران عام 2016

عندما يجتمع النص القوي والمترابط لكاتب أقل ما يقال فيه أنه مبدع حسن سامي يوسف، مع عدسة المتألق والموهوب الليث حجو، والتمثيل الراقي لكوكبة من أهم نجوم الدراما السورية، فأنت بحضرة مسلسل «الندم»، هذا المسلسل الذي يشد كل متابعيه، بتركيزه على التفاصيل الدقيقة، والسيناريو المحبوك بدقة، بالإضافة إلى «المونولوج» الذي يؤديه الفنان محمود نصر عندما يسرد حكايته، ناهيك عن تصوير الواقع السوري تصويراً فوتوغرافياً من خلال قصة عائلة «أبو عبدو الغول» التي تمثل نسيج المجتمع السوري.

“إلى أين وصلنا يا الله، ماذا زرعنا لنحصد هذا الخراب كله؟!” من وسط الدمار والخراب يبدأ «عروة» مسلسل «الندم» بهذا التساؤل، الذي يحكي قصة كاتب تلفزيوني أربعيني، حيث تبداً القصة في ربيع العام 2003، وتنتهي في 2015 عند كتابة عمله التلفزيوني الجديد الذي يسرد تلك الحكاية.

وكما عوّد جمهوره بعشقه للتفاصيل الدقيقة وعدسته الراقية، اعتمد المخرج المبدع الليث حجو على «الدوكو دراما» بعرض الأحداث، وبطريقة «الفلاش باك» تنقلت كاميرا حجو بين حقبتين زمنيتين مختلفتين، ليعرض قصة عائلة «الغول» والتي أسسها إبراهيم الغول الفنان سلوم حداد تاجر اللحوم الذي بدأ مسيرته من الصفر، وبنى نفسه بنفسه، ليتحوّل إلى صاحب مجموعة تجاريّة كبيرة، أوكل مهمّة إدارتها لابنه «سهيل» الذي يجسد دوره الممثل أحمد الأحمد، لكنّه يترك وراءه كل شيءٍ ويقرر الرحيل، بسبب معاملة أبيه القاسية، وغيرته من أخيه الأصغر «عروة» الذي يؤدي دوره الممثل محمود نصر الذي يعتبره مدللاً على حسابه.

وأما فيما يتعلق بالنص، استفاد الكاتب حسن سامي يوسف من روايته «عتبة الألم»، فليس غريباً أبداً أن نجد نصاً بهذه التلقائية والتفاصيل الجميلة والفلسفة الراقية للكاتب والروائي حسن سامي يوسف، وها هو يعود اليوم، بنص قوي ومتماسك، ليضيف أيقونة درامية جديدة مميزة في قائمة أعماله التي عشقها الجمهور، وأبرزها: «الانتظار، زمن العار، والغفران».

ونتعرّف خلال حلقات المسلسل، على علاقة الكاتب عروة بثلاث نساء كان لهنّ أثرٌ كبير بتغيير حياته، الأولى هي «هناء» التي تؤدي دورها النجمة دانا مارديني الطالبة الجامعية البسيطة التي يراودها خوف دائم من الزواج، وتختفي من حياته فجأة

لتقتحمها بعد ذلك «رشا» التي تجسد دورها الممثلة جفرا يونس، وهي معجبة بكتاباته التلفزيونية وتعيش حالة خوف مستمرة من الفقر والحرب السوريّة، ويتملّكها قلق دائم من رجل يدعى جهاد، يطاردها ويحاول إيذاءها باستمرار.

ونشاهد أيضاً جانباً من حكاية «عروة» مع طليقته «رزان» التي تؤدي دورها الممثلة مرام علي، قبل أن يلتقي عروة في شتاء 2015 بـ«وداد» التي تؤدي دورها الممثلة هيا مرعشلي وهي الشابة التي صادفها قبل سنوات، مرتين حين كانت لا تزال طفلة في الثالثة من عمرها.

ويشارك في هذا العمل قائمة من عمالقة الدراما السورية، أبرزهم: سلوم حداد، سمر سامي، باسم ياخور، محمود نصر، أيمن رضا، سلافة معمار، أحمد الأحمد، دانا مارديني، جفرا يونس، مرام علي، مريم علي، هيا مرعشلي، رنا كرم، كفاح الخوص، أيمن عبد السلام، شادي الصفدي، أميرة حجو ، والطفلة سارة عواد، وأخرون.

من الجدير ذكره، أن العمل من إنتاج شركة «سما الفن الدولية للإنتاج الفني».

كما لا يمكن إغفال روعة تتر المسلسل، حيث قدم المؤلف الموسيقي إياد الريماوي والشابة كارمن توكمه جي، لوحة فنية رائعة بعنوان «قلبي علينا»، صنفها بعض النقاد بأنها من أجمل الشارات لهذا الموسم.

وخلاصة القول، استطاع الليث حجو وحسن سامي يوسف من تقديم دراما غير متكلفة أو مصطنعة، بعيدة عن الانفعالات الوهمية، بل كانت أقرب إلى لغة الارتجال، ولأن «الندم» يأكل صاحبه، سنتعرف من سيأكل «الندم» نهاية الموسم الرمضاني.

0 ردود

اترك رداً

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *