محمد الأزن

كتب هذا المقال في موقع بوسطة بتاريخ 29 أيار عام 2013

اثنتا عشرة حلقة عُرِضَتْ من مسلسل «أرواح عارية» للمخرج الليث حجو، مسلسلٌ لخصّه الكاتب فادي قوشجي بأنه يتناول مسألة سقوط اليقين عند الإنسان ببعض مسلماته الأساسية، الشك، والخيانة، وازدواجية الأحكام الاجتماعية بين الرجل والمرأة.

وماتطرّق إليه المسلسل في حلقاته الاثنتي عشر عبر حكاية ربى، سامر، وصلاح ومحيطهما لم يبدو خارجاً عن المألوف، فهناك الكثير من القصص المشابهة التي نسمعها في حياتنا اليومية، ومنها ما هو شديد القرب منّا، لكن طريقة التناول تبدو جريئة أكثر من المعتاد بالنسبة للشاشة الصغيرة، وربما هذا ما يحسب لقوشقجي، إلى جانب الرؤية البصرية الأخّاذة لـ حجّو.

فلا جديد في قصّة «ربى» من حيث كونها إمرأة تعاني من علاقتها  مع زوجها «سامر»، هذا الزوج النزق والمهووس بذكورته المتعثّرة، لتأتي خيانته لها مع إحدى صديقاتها فتكون القشّة القاسمة في علاقاتهما، والتي تدفعها لخيانته تحت إغراء أحد أصدقائه، ثم يكتشف القصّة فتحاط الزوجة كما في كل المجتمعات الشرقية بالشك والإزدراء، بينما يغفر للزوج أكبر الخطايا.

ثم يظهر «صلاح» في حياة  «ربى» ليكون بمثابة الفارس النبيل الذي تهرب إليه وتحتمي به، يحاصرها بشكوكه، شأنه في ذلك شأن كل الرجال، ثم لا يلبث أن يتراجع تحت تأثير شعورٍ يتجاوز الإعجاب، ويشبه الحب، ولاندري إن كان الحب ذاته، أم الانبهار بامرأة مختلفة.

وفي محيط «ربى»، «سامر»، و«صلاح» ثمّة عائلة، جيران، وأصدقاء، يختلفون مع هذه الشخصيات، أو يتفقون معها، يبتعدون أو يتقتربون من الخطوط الرئيسية للأحداث، لتنسلّ من خلالهم حكايات صغيرة، هي بمثابة إضاءات على ملامح حياة  شريحة من الطبقة الوسطى في مجتمع العاصمة دمشق، قد تبدو أكثر من متوسطة بالنسبة لمدنٍ سوريةً أخرى.

ومن بين هذه الحكايات نطلّ على كواليس الأنشطة الخيرية لنموذجٍ من سيدات ذلك المجتمع، وأسلوب عيش عائلاتهم، وأحاديثهم التي لاتتجاوز حد النميمية الاجتماعية في الكثير من الأحيان.

وثمّة حكايات أخرى منها ما يطرح أسئلة كبرى حول الهويّة والانتماء، كحكاية «أمجد» الذي عاش حياته في الأردن كمواطن أردني، ليكتشف في شبابه وبعد وفاة أمّه بأنه ينحدر من أبوين سوريين، باعاه عن طريق وسيط طبيب سورري، لتسجّله العائلة الأردنية على اسمها، ويصبح همّه فيما بعد البحث عن والديه، ليس بدافع الحنين أو البحث عن الأصل، وإنما للإجابة عن الأسئلة التي بدأت تضج في رأسه منذ لحظة اكتشافه السر.

وهناك نصيب وافر لقصص الحب التي تنمو على هامش المراهقة.

تلك القصص العادية استطاعت اجتذاب المشاهدين على مايبدو خلال الحلقات الماضية، مع هذا الحشد من النجوم، والصورة الأخّاذة، والبساطة في لغة الحوار، والحكايات الهامشية التي تبدو حقيقيةً وصريحةً جداً، كقصة «أبو أمير» و«أم أمير» مع الحبّة الزرقاء، وهذا الاشتياق للحب الذي يدفعهما للاستعانة بالعطّار على ما أفسده الدهر.

وعلى مستوى الأداء لا تبدو سلافة معمار من حيث الخطوط الرئيسية للدور بعيدةً عن شخصية «عزّة»  التي أدّتها الموسم الماضي 2011 في «الغفران»، كما بدا قصي خولي في الحلقات الأولى للمسلسل كمن يحاول إعادة إنتاج شخصيّة «يعرب» في تخت شرقي، كما لا يخلو أداء عبد المنعم عمايري لدور «سامر» من ملامح دورين سابقين أدّاهما في «عن الخوف والعزلة» و«على طول الأيام».

أما الشباب فقدموّا اداءً لافتاً في المسلسل كـ «دانة مارديني، يامن الحجلي، نسرين فندي»، كما أعادت الحلقات العشر الأولى من «أرواح عارية» الفنّانة «نادين تحسين بيك» إلى الواجهة.

0 ردود

اترك رداً

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *